Boundaries! Limits! Borders!

ها قد آن الأوان أخيرا في آخر أيام برنامج أكاديمية دويتشه فيله الخاص بالأفلام الوثائقية ضمن مشروعها الممول من الإتحاد الأوروبي “الإعلام في ليبيا – الاستقرار من خلال المصالحة”، فبعد أن انتهى كل المشاركين من إعداد أفلامهم القصيرة قبل أسبوع من ذلك وتوصلوا إلى ترتيب عرضها، آن الأوان للاحتفال بالعرض الأول للأفلام الوثائقية المشتركة: ساعة ونصف من المادة الوثائقية عن الوضع الحالي لمسار المصالحة في ليبيا خلال السنوات التسع الماضية، من إنتاج صانعي أفلام ليبيين من كل أنحاء البلاد تقريبا.

وبعد العرض الأول، خضع ترتيب الأفلام الفردية للنقاش والتحسين. وسرعان ما توصل الجميع لعنوان شامل لها جميعا: “حدود”. وتُعد هذه الكلمة حمالة أوجه في اللغة العربية، فقد تعني باللغة الإنجليزية boundaries أو limits أو borders. وغالبا ما يتحدد المعنى وفقا للسياق الذي ترد فيه. وفي هذه الحالة ستفرض الأفلام السياقات المختلفة حيث تقص علينا كل منها قصة مختلفة عن الحدود وسُبل تخطيها. الحدود بين العرب والتبو، بين البشر والبيئة المحيطة بهم، بين سكان مصراتة وتاورغاء، بين المرأة والرجل، بين السلفية والصوفية.  ولكن المشاركين يبثون روح الأمل مرارا وتكرارا عن طريق أفلامهم مُبيّنين أن تجاوز الاختلافات أمر ممكن. ولكن الأفلام تُبين بوضوح أنه على الرغم من مرور تسع سنوات على الثورة فإن حال ليبيا لم يستقر بعد. ويفيد تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بعنوان “نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية  في ليبيا2020” بأن الأزمة قد ألحقت ضررا بـ 1.8 مليون شخص. وقد يعطي ذلك انطباعا بأن ما يقارب 5 مليون ليبيّا المتبقين لا يعانون من أي أضرار. وكأنهم لا يعانون من النقص الكارثي في الإمدادات، وكأنهم لا يُجبرون على التعايش مع انقطاع الكهرباء بشكل متكرر، وكأنهم لا يفقدون أحباءهم وأقاربهم وأصدقاءهم بسبب الصراع.

حين شاهدت “حدود” تذكرت فيلما للمخرج Roberto Rossellini: ” Germany Year Zero” (ألمانيا: السنة الصفر) الذي أخرجه سنة 1947. وقام من خلاله بمتابعة مجريات حياة أسرة في ألمانيا في فترة ما بعد الحرب ورسم من خلال هذا الفيلم معالم الصورة القاتمة للبلاد. ولا يخفى على أحد أن مصير البلاد قد تغير في نهاية المطاف. ويحدونا الأمل بأن يتكرر هذا السيناريو في ليبيا أيضا ولكن يبدو لي أن الليبيين لم يتوصلوا بعد إلى الساعة الصفر التي يتعين الانطلاق منها.

كافه فاكيل, 20 مارس 2020